Wednesday, January 11, 2012

المصالحة الفلسطينية في ذيل التنسيق مع إسرائيل



"....
الخلافات على الساحة الفلسطينية ليست آنية أو ظرفية بحتة،
وإنما هي تركيبية تضرب جذورها في عقلية الحكم العربية، أو عقلية القيادة بالنسبة للفلسطينيين
....
وقد ساد الظن أن الميثاق الوطني الفلسطيني -الذي ألغيت أغلب بنوده- يعبر عن المصلحة الوطنية الفلسطينية، وأن الالتزام به يجب أن يفوق أي اعتبار سياسي. لكن تبين فيما بعد أن تصرف القيادة الفلسطينية تجاه الميثاق قد فاق تصرف دول عربية تجاه دساتيرها.

فمثلا عدلت سوريا دستورها ليناسب الأسد الابن، وعدلت لبنان دستورها ليناسب رئيسا بعينه، أما القيادة الفلسطينية فقد تجاهلت الميثاق تماما ووقعت على اتفاقيات تتناقض معه تماما، ولم تعدل الميثاق إلا بعد ثلاث سنوات ليتناسب مع ما بدأت في تطبيقه فعلا. لم يتم الالتزام بمبدأ الوحدة الوطنية، وتحول مفهوم المصلحة الوطنية إلى مفهوم ذاتي يعرّفه كل فصيل فلسطيني بما يتناسب مع رؤيته.
....
الأولوية للتنسيق الأمني
هل من الممكن أن تتحقق وحدة وطنية فلسطينية، أو على الأقل مصالحة بين حماس وفتح في ظل التنسيق الأمني؟ نعم ممكن في حال اعترفت حماس بإسرائيل وألقت السلاح وقررت أن تقاوم المقاومة. لكن هذا لن يحصل إلا إذا قررت حماس أن تخلع عن نفسها ثوب الإسلام وتلقي بشعاراتها الإسلامية جانبا، وتتنكر لكل ما وعدت به الشعب الفلسطيني. وتقديري أن هذا لن يحصل.

من الناحية الأخرى، هل من الممكن أن تتخلى السلطة الفلسطينية عن التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتقرر إعادة الحياة للميثاق الوطني الفلسطيني؟ إذا كان للسلطة الفلسطينية أن تفعل ذلك فإنه من المطلوب منها خطوات جذرية وكبيرة حتى تضمن سلاسة الانتقال من مرحلة إلى أخرى مغايرة تماما.



مطلوب منها أن تبحث عن مصادر تمويل جديدة، وأن تقيم تحالفات إقليمية جديدة، وأن تتخلى عن الجري وراء الولايات المتحدة لحل مشاكل الشعب الفلسطيني. لكن هذا غير ممكن أيضا لأن السلطة ربطت نفسها تركيبيا بإسرائيل وبالدول الغربية عموما، وفيها من والوْا جهات أجنبية وأصبحت مكانتهم وأحوالهم مرتبطة بهذه القوى.

فما دام التنسيق الأمني قائما، وما دام الفلسطيني ملتزما باعتقال أخيه الفلسطيني لصالح عدوه الإسرائيلي فإن المصالحة تبقى بعيدة المنال، بل هي مربوطة بذيل التنسيق الأمني مع إسرائيل. وليس أمام من أراد معرفة مصير المصالحة إلا أن يستجير بوضع التنسيق الأمني.

ويلاحظ المتتبع أن السلطة الفلسطينية لم توقف التنسيق الأمني مع إسرائيل كرد على استمرار الاستيطان، وإنما أوقفت المفاوضات العلنية. والسبب هو أن وقف المفاوضات لا يتجاوز الخطوط الحمر، أما وقف التنسيق الأمني فيتجاوزها ويأتي على السلطة بالعقاب. إسرائيل ليست بحاجة للمفاوضات، لكنها بحاجة للتنسيق الأمني
....."

No comments: