Tuesday, January 17, 2012

وحدهم يقاومون

http://tinyurl.com/84fk5gg


 
 الياس خوري


السوريون وحدهم، هذا ما كان وما سوف يكون، كل الكلام المبتذل عن طلب التدخل الخارجي، او التذرّع بالتدخل الخارجي، تهاوى. وحده النظام يستعين بالخارج ويستجلب الاسطول الروسي، ويستقوي بالسلاح المستورد من موسكو، وبحليفه الايراني.
اما شباب سورية وشاباتها، الذين غطت دماؤهم السماء، فانهم وحدهم.
وحدهم يتظاهرون ووحدهم يموتون.
وحدهم يصنعون الأمل، ووحدهم يتدثرون باليأس.
وحدهم، هتافاتهم واهازيجهم وصمودهم وبطولاتهم
، تكتب الصفحة الأكثر اشراقا في تاريخ بلادهم وتاريخ العرب.
وحدهم، متروكون لمصيرهم. لا امريكا ستفعل شيئا لأجلهم، ولا عرب امريكا يريدون ذلك او قادرون عليهم.
وحدهم، لأنهم طرقوا بوابة المستحيل، وقالوا ان قلب العرب يجب ان ينبض من جديد، فاجتمعت ضدهم اعتى آلة عسكرية فاشية، وامعنت فيهم قتلا، والعالم يتفرج.
المراقبون العرب لم يكونوا سوى نتاج البؤس العربي، الذي حوّل العالم العربي الى ملعب للقوى الاقليمية والأجنبية.
والجامعة العربية تقول ما لا تفعل، تغطي فتوق العجز بالكلام، ولا تملك اي وسيلة ضغط فعلية كي تتوقف المذبحة
.
اما العالم الغربي، الذي عشنا عقودا في ظل تواطئه مع الدكتاتور العربي، والذي حاول ان يستلحق نفسه بعد سقوط بن علي، ولا يعنيه من الثورة المصرية سوى دعم الانقلاب العسكري خوفا على معاهدة كامب دايفيد، والذي ساهمت طائراته في اسقاط الدكتاتور الليبي طمعا في جنة النفط، هذا العالم يقف مترددا امام الثورة السورية، وهذا ما كنا منذ البداية على اقتناع تام به. فامريكا لا تريد سوى مصلحة اسرائيل، ومصلحة اسرائيل تكمن في اضعاف سورية كوطن، وارهاقها، كي يصير دكتاتورها مجرد دمية لا حول لها.
كل النقاش الذي تورط فيه المثقفون السوريون كان وهماً. كل الكلام عن تدخل خارجي كان بلا معنى.
الخلاف ليس بين من يريد تدخلا لن يحصل، وبين من لا يريد تدخلا، هو خلاف وهمي.
السؤال هو كيف تنتصر الثورة السورية.

بعد عشرة اشهر من اندلاعها، تجد الثورة السورية نفسها مهددة. لقد ضاع الكثير من الوقت والجهد على التحالفات الدولية والعربية، وكان الأحرى ان ينصب الجهد كله من اجل بناء مؤسسات الثورة، كي يستطيع الشعب الوصول الى هدفه في اسقاط النظام.
هذا هو السؤال.
السؤال يبدأ من واقع آن للجميع قراءته بدقة: الشعب السوري وحده في مواجهة آلة القمع.
هذا هو الواقع الذي يجب الانطلاق منه، بل هذا ما كشفه الواقع منذ الأيام الاولى لاندلاع اكبر انتفاضة شعبية في تاريخ العرب المعاصر.
المواجهة بين شعب اعزل وبين نظام فاشي، بنى آلة عسكرية مخيفة في انتظار لحظة الانقضاض الشاملة على الشعب.
كان الرئيس السوري واضحاً في خطابيه الأخيرين، فهو يعلن ببساطة ووضوح وبلغة لا التباس فيها انه قرر ان ينتصر على الشعب!
المعركة طويـــــلة. الثورة السورية هي الأصعب والأكثر جذريــــة والأكثر كلفة. لا وجود هنا لجيش يقف على الحياد على الطريقــــــة التونسية، او لجيش يصطاد الثورة بما يشبه الانقلاب على الطريقة المصرية، او لطائرات الناتو التي دمرت اكثر مما حمت المدنيين على الطريقة الليبية.
في سورية ثورة طويلة بشروط معقدة وكلفة عالية وتضحيات كبرى.
لا تستطيع الثورة ان تنهزم او تتراجع، خيارها الوحيد هو الاستمرار حتى اسقاط النظام.
السوريون وحدهم، وهم يعلمون ان مهمتهم هي الأكبر، لأن مصير ثورتهم سيحدد مستقبل بلادهم ومستقبل العرب. 

No comments: