ظهرت حالة من الاختلاف بين الموقفين الشعبي والرسمي تجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فعلى الصعيد الشعبي كانت -ولا تزال- فلسطين حاضرة في شعارات الثائرين في البلدين، وأكد ناشطون وقوى ثورية أن دعم الشعب الفلسطيني أهم من أي توجهات سياسية.
وفي المقابل، بدت المواقف الرسمية ضعيفة بسبب التباينات في علاقات الأنظمة بالفصائل الفلسطينية خاصة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
مواقف مجمدة
رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة ماريمونت الأميركية غسان شبانة أكد أن السياسة الخارجية مجمدة في مصر وسوريا "في ما بدا أنه انتكاسة لمن يدعي أنه الشقيق الأكبر للدول العربية، أو النظام الذي ظل يسوق نفسه على أنه راعي الممانعة في الوطن العربي".
وأضاف شبانة في حلقة الاثنين (10/7/2014) من برنامج "حديث الثورة" أن لسان حال الشعب الفلسطيني أنه سيواجه المحنة الحالية وحده.
من جانبه، عزا المسؤول السابق بالخارجية الأميركية وكبير الباحثين بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفد بولوك موقف البلدين إلى "انغماس الحكومتين في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا أو المشاكل الداخلية في مصر".
ونفى بولوك وجود أي تغير في السياسة الخارجية المصرية أثناء فترات حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك أو المعزول محمد مرسي أو الحالي عبد الفتاح السيسي في تعاملهم مع القضية الفلسطينية، وتحديدا مع قطاع غزة.
كما شدد على أن السياسة الخارجية لم تتغير كونها تخدم المصالح الأميركية بدعم الاستقرار في المنطقة والحفاظ على السلام مع إسرائيل.
مزاعم المسؤولية
وحمّل المسؤول الأميركي السابق حماس مسؤولية العملية العسكرية الإسرائيلية بزعم أنها من بدأت بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، وفق ما نسبه لما سماهم بمراقبين.
وجادل بولوك مقدمة البرنامج غادة عويس عندما ناقشته، وأوضحت له أن إسرائيل قررت بدء العملية العسكرية بعد أن وجدت (نهاية الشهر المنصرم) جثث ثلاثة مستوطنين اختفوا منذ منتصف يونيو/حزيران الماضي.
وفي المقابل، قال غسان إن بولوك منحاز للرأي والدعاية الإسرائيلية، رغم أن جميع الصحف الأميركية نشرت تقارير تفيد بأن إسرائيل اتهمت حماس باختطاف المستوطنين دون أي دليل أو اعتراف قيادات الحكومة في الداخل أو الخارج بهذه العملية.
وأكد غسان أن مبدأ الدفاع عن النفس الذي تسوقه تل أبيب يكون في الدفاع عن بيتك أو أراضيك وليس في أراضي غيرك، وفق تعبيره.
الموقف المصري
وعلى صعيد الموقف المصري، فرّق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة بين الموقفين الرسمي والشعبي، واصفا الأول بـ"الضعيف" لا سيما أنه كان بإمكانه فعل الكثير كـ"اتخاذ قرار بفتح معبر رفح دون انتظار دعوة الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الصدد".
وأشار إلى أن العلاقة بين النظام وحماس تعكس الموقف الرسمي الراهن، لكنه استبعد وجود تواطؤ مصري إسرائيلي بهذه العملية، وألمح إلى أن إسرائيل تستهدف إحراج النظام المصري وفصله عن شعبه.
وطالب نافعة السيسي بالخروج، والتصريح بضرورة وقف الهجوم على غزة.
وفي السياق ذاته، أوضح أستاذ العلوم السياسية المشارك بجامعة دريك الأميركية محمود حمد أن الموقف المصري مقيد في رد فعله بسبب القيود التي تفرضها عليه الولايات المتحدة، مدللا على ذلك بأن شيخ الأزهر (المرتبط بعلاقة وثيقة مع النظام) احتاج ثلاثة أيام لإصدار بيان إدانة للعدوان على غزة.
وردا على سؤال بشأن وجود قرائن على تواطؤ مصر لتصفية حماس، استبعد حمد هذه الاحتمالية، وقال إنها تقتصر على رغبة في إضعاف حركة المقاومة الإسلامية حيث تعتبرها نخب ووسائل إعلام "مذنبة بحكم علاقتها مع الإخوان".
الأسد وحماس
وعلى الصعيد السوري، قال الباحث بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات حمزة المصطفى إن قطاعا من مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد يحملون حماس المسؤولية عن الاعتداءات على غزة بوصفها "بدأت بالاستفزاز عبر إطلاق الصواريخ".
ورغم غياب الموقف الرسمي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أكد المصطفى أن المجموعات الثورية أبدت تعاطفا مع الفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقارنت بين أفعال إسرائيل وممارسات نظام الأسد.
وأوضح المصطفى أن الموقف بين الأسد وحماس "مصلحي" وظّفه الأول لاكتساب شرعية داخلية بإعلان دعمه المقاومة واحتضان قياداتها، وعندما اتبعت الحركة سياسة النأي بالنفس بعد انطلاق الثورة أغلق مقراتها ولاحق القيادات.